واحدة من القصص الشهيرة بتاريخ عالم الألعاب هي تلك التي جرت بين ننتندو وسكوير سوفت بفترة التسعينيات الميلادية
سكوير الحليف القوي لشركة ننتندو و الإسم الشهير خلف سلسلة العاب فاينل فانتسي وغيرها من العناويين تدير ظهرها لشركة ننتندو وتنقل مشاريعها لجهاز سوني الجديد على الساحة آنذاك “البلايستيشن”، لماذا حدث ذلك؟ ماهي القصة الحقيقية وكيف كانت البداية؟ الكثير من الأسئلة تجعلنا نسرد لكم القصة الكاملة حول جيل كامل من التحدي مابين الشركتين قبل عقد الصلح، لنبدأ سرد القصة إذا:
الفصل الأول - الخيال الأخير و الدعم الأول
سكوير سوفت هي شركة تطوير العاب جديدة مقرها مدينة يوكوهاما اليابانية قدمت مجموعة من الإصدارات المختلفة على جهاز الـNES ومنها Thexder و The Death Trap وعناوين أخرى لم تحقق الكثير من النجاحات بإصدارتها، حتى قامت الشركة بضم موظف جديد بالشركة اسمه “هيرنابو ساكاقوتشي” الذي وكّلت إليه الشركة مهمة تطوير لعبة تنقذ الشركة من الإفلاس المحتوم مع نتائج الشركة المالية المتردية.
ساكاقوتشي راقب نجاح سلسلة دراجون كويست على جهاز الـNES وقرر أن يخوض هذه التجربة بتقديم لعبة إعتبرها الخيال الأخير للشركة للنجاح فتم إطلاق اسم “فاينل فانتسي” على هذا المشروع، أيضا يشار لكون الكثير من المصادر تؤكد بأن هذا المشروع شهد دعما من شركة ننتندو و البعض يرمي لكونه كان إستثمارا بالشركة وسنخوض بهذا الموضوع كثيرا لاحقا بالموضوع، صدرت لعبة فاينل فانتسي الأولى وحققت نجاحا جيدا للشركة وتلى ذلك إصدار الجزء الثاني مع توسع أكبر بقاعدة محبي اللعبة ومن هنا بدأت قصة نجاح شركة سكوير سوفت بعالم الألعاب.
مع نجاحات سكوير سوفت بدأت العلاقة مابين الشركة وننتندو تأخذ مسارا قويا بقوة العلاقة بين الطرفين حيث قامت ننتندو بإستثمار مالي بالشركة جعلها تملك نصيبا من أسهم الشركة حتى العام 1996، سكوير سوفت واصلت إنتاجاتها على جهاز الـNES أو الفاميكوم في اليابان حتى الجزء الثالث من سلسلة فاينل فانتسي قبل إنتقال الشركة مع حليفتها ننتندو لجيل الـ16 بت وجهاز السوبر ننتندو، هنا نطوي الصفحة الأولى بقصة ننتندو و سكوير سوفت حيث كانت الأمور تسير بشكل سليم بين الشركتين مع السيطرة على سوق الألعاب الياباني.
الفصل الثاني - إستمرار النجاح وبداية المشاكل!
بدأ جيل الـ16 بت وواصلت ننتندو نجاحتها القوية مع شريكها سكوير سوفت مع إصدار ثلاث أجزاء رئيسية جديدة من سلسلة فاينل فانتسي وزيادة قاعدة محبي السلسلة بشكل كبير في اليابان، قد تكون الشرارة الأولى للمشاكل بين ننتندو وسكوير سوفت حدثت بالعام 1991، مع بداية جيل الـ16 حيث أعلنت سكوير سوفت عن لعبة جديدة بعنوان Romancing Saga لجهاز السوبر ننتندو، اللعبة تأجلت لمدة شهرين عن موعد إصدارها الرسمي لإكتشاف سكوير سوفت لبعض المشاكل باللعبة وكان الحل لها بتقديم كارتردج بسعة أكبر (أكثر من 12 ميجا بت) ولكن ننتندو رفضت ذلك مما أجبر سكوير سوفت على تأجيل إصدار اللعبة و إلغاء بعض الأفكار فيها لتخفيض المساحة.
المشكلة بدأت عندما طلب فريق التطوير Chunsoft الذي يشرف على عملية تطوير لعبة دراجون كويست 5 ذات الشعبية الضخمة في اليابان على كارتردج بمساحة أكبر من ننتندو فقامت الشركة بتلبية رغبته بتقديم كارتردج بسعة 16 ميجا بت و يبدو أن سكوير سوفت لم تكن سعيدة مع هذا الخبر ولكنها أستمرت بدعم السوبر ننتندو لسيطرته على سوق الألعاب ولإمتلاك ننتندو بنصيب من حصة الشركة ككل.
الفصل الثالث - سوني تدخل سوق الألعاب
بدأت الأخبار تتواتر بأن عملاق الصناعة الإلكترونية شركة سوني تنوي دخول سوق الألعاب بالتعاون مع ننتندو، الإشاعة لم تأخذ وقتا طويلا قبل تأكيدها من قبل مسؤلي شركة ننتندو وتم الإعلان رسميا أن سوني و ننتندو ستعملان سويا لتطوير إضافة جديدة للسوبر ننتندو تسمح للجهاز بتشغيل إسطوانات الـCD.
Hiroshi Yamauchi مالك شركة ننتندو ورئيسها الأسبق عند قرائته للعقد الذي تم الإتفاق عليه إكتشف شيئا لم يكن بالحسبان، شركة سوني ستمتلك حقوق كل لعبة تصدر على جهاز أو إضافة الـ SNES CD-ROM وهذا الشئ يعتبر كارثة لشركة ننتندو فعمل بشكل سري لإلغاء هذه الإتفاقية وبالفعل تم إيقاف العمل على جهاز SNES CD-ROM وكانت المفاجئة الأكبر بمعرض CES الذي كان من المفترض أن يكون المؤتمر للكشف عن الجهاز و تعاون ننتندو وسوني فخرج رئيس ننتندو الامريكية آنذاك Howard Lincoln ليعلن أن ننتندو ستتعاون مع شركة Philips العملاق الاوربي بصناعة الإلكترونيات لصناعة جهاز العاب جديد يستخدم تقنية الإسطوانات.
بعد فشل تعاون ننتندو و سوني، في البداية رغبت سوني بألغاء مشاريعها ولكنها وجدت بأنها قد قامت بالكثير من الأبحاث وكانت جاهزة لإصدار جهاز العاب خاص بها دون الحاجة لشركة ننتندو، هذا الأمر لم يعجب ننتندو كثيرا فقامت برفع قضية على سوني لإستخدامها اسم البلايستيشن للجهاز الذي تملكه ننتندو والقادر على تشغيل كارتردج السوبر ننتندو بالإضافة إلى اسطوانات الألعاب الخاصة لسوني، المحكمة الامريكية رفضت دعوة ننتندو ولكن سوني وجدت أن لاجدوى تذكر من إصدار الجهاز بالوقت الحالي وتم تصنيع 200 نسخة منه فقط ولم يصدر بالأسواق.
مع نهاية العام 1992 عادت سوني و ننتندو مجددا للمفاوضات، وتم الإتفاق على إستكمال العمل على جهاز “Sony Play Station” بفتحة كارتردج ألعاب السوبر ننتندو بشرط أن تحصل ننتندو على أرباح مبيعات الألعاب وتستمر سوني بدعم السوبر ننتندو بشريحة الصوتيات داخل الجهاز، بالعام 1993 قررت سوني أن تغير الخطة، فبدلا من التعاون مع ننتندو تم الإستغناء عن فكرة فتحة كارتردج السوبر ننتندو من جهاز سوني القادم و بدأت الشركة تضع النقط على الحروف مع نية إصدار جهاز العاب مستقبل للجهاز الجديد تحت اسم “PlayStation” (بدون مسافة بين كلمتي Play و Station).
الفصل الرابع - مفترق الطرق لسكوير سوفت
Squaresoft حينها قد بدأت عملية التطوير على جهاز SNES CD-ROM لمعاناة الشركة الدائمة مع مساحة الكارتدج وكان الحل بدعم هذا الجهاز وكان التطوير جاري للعبة Seiken Densetsu 2 ولكن مع إلغاء العمل على الجهاز إضطرت الشركة على إلغاء المشروع وإعادة العمل عليه بالكامل من جديد للكارتدج ولم تكن سكوير سوفت سعيدة بذلك أبدا، بعد ذلك مشكلة جديدة بين ننتندو وسكوير سوفت عندما عانت الشركة من مشكلة مع الإنتاج حيث قررت تقليل شحنة واحدة من إصدارتها من مليون نسخة كما ينص العقد إلى 700 الف نسخة وهذا الأمر لم يعجب ننتندو أبدا لأنه مخالف للعقود بين الشركتين.
عندها أصبح واضحا على السطح أن العلاقة بين ننتندو وسكوير سوفت لم تعد جيدة، الشركة التي كانت تعمل على مشروع Super Mario RPG بالتعاون مع ننتندو ظهرت الكثير من الشائعات بأن الشركة لم تنهي عملية تطوير اللعبة وتكفلت ننتندو بتطوير الجزء الأخير منها (لم يتم تأكيد أو نفي هذه الشائعة أبدا)، و قامت الشركة بإصدار ثلاثة عناوين بشكل سريع بالعام 1995 لإنهاء علاقة الشركة بجهاز السوبر ننتندو وهي Bahamut Lagoon, Rudra’s Treasure, Gun Hazard و Treasure Hunter G.
سوني عادت للساحة مجددا بتقديم عرض مغري لسكوير سوفت، الشركة ستأخذ دخلا أقل بكثير من نصيب ننتندو من إنتاجات شركات الطرف الثالث و ستقوم الشركة بتأسيس شركة جديدة بإسم DigiCube لمساعدة سكوير سوفت بنشر العابها.
بتلك الفترة أصدرت إحدى الصحف اليابانية تقريرا عن بدأ عمل سكوير سوفت على لعبة فاينل فانتسي لجهاز الننتندو64، وقدمت مجموعة من الصور وشاهدنا عرض فيديو شهير للعبة أطلق عليها اسم فاينل فانتسي64 من قبل الإعلام ولكن الحقيقة أن ذلك العرض لم يكن أكثر من كونه عرض تقني فقط كانت تجرب سكوير سوفت من خلاله تقنية Silicon Graphics بإستخدام شخصيات فاينل فانتسي 6 بصورة ثلاثية الأبعاد ورغم أن الكثيرين مازالوا يربطون المشروع بالننتندو 64 لكونه يستخدم تقنيات Silicon Graphics الرسومية ولكن البعض يؤكد أن المشروع لم يكن ذا علاقة بالننتندو 64 حينها وأن الشركة كانت قد بدأت بالعمل منذ فترة على لعبة فاينل فانتسي على البلايستيشن الاول.
الفصل الخامس - سنوات الخلاف و الصلح
نعم سكوير سوفت إختارت طريقها، وعندها قامت ننتندو ببيع حصتها من الشركة والمشتري لم يكن سوى .. شركة سوني، حينها تحدث رئيس شركة ننتندو الأسبق هيرياتشي ياموتشي عن ذلك الحدث وذكر بأنه أمر حدث ولا مفر منه.
سكوير سوفت الشريك القوي بنجاحات ننتندو أصبحت الأن مع المنافس الجديد، رغم كل شئ ولكن لم تخرج الأمور بين ننتندو وسكوير سوفت من السيطرة حتى قامت سكوير سوفت بشئ جعل ننتندو تشتاط غضبا، سكوير سوفت قامت بإقناع شريك ننتندو الآخر “اينكس” بالإنتقال لجهاز سوني بشكل حصري! هنا غضب رئيس شركة ننتندو كثيرا و أقسم بأن لاتصدر سكوير سوفت ألعابها مجددا على أجهزة ننتندو و هذا ماحدث فعلا حتى العام 2002.
واصلت سكوير سوفت رحلتها على أجهزة سوني وواصلت ننتندو إصدار أجهزتها والعابها، ننتندو خسرت السوق الياباني لصالح سوني مع إنتقال سكوير واينكس للبلايستيشن و تبعهم عدد من الشركات، سيطرت سوني على سوق الألعاب وكانت سكوير سوفت تعيش أياما جيدة ولكن هنالك نقطة مهمة جدا بهذا الصراع، الجزء الكبير من الكعكة الذي تسيطر عليه ننتندو تماما، أنه سوق الأجهزة المحمولة.
سكوير سوفت تدرك تماما بأن سوق المحمول يعد سوقا مهما وضخما جدا يجب أن تستثمر فيه بشكل كبير، المشكلة أن ننتندو كانت تسيطر تماما على سوق الأجهزة المحمولة وتواجد ياماتشي على رأس هرم الشركة لن يساعد سكوير سوفت للحصول على مبتغاها، مع العام 2001 بدأ عهد جديد لشركة ننتندو مع تعيين رئيس جديد للشركة “ساتورو ايواتا” وبفكر مختلف تماما عن العجوز ياماتشي، مع دخول الجيم بوي ادفانس و الجيم كيوب بسوق الألعاب وجد الطرفان “سكوير سوفت و ننتندو” بأن الشركتين سيستفيدان من عودة العلاقة بعد جيلين من الإنقطاع.
سكوير إعتذرت عن خطأ إقناع أينكس بتجاهل ننتندو والإنتقال لمقر سوني وخصوصا أن تجربة الشركة لإصدار العاب المحمول على جهاز بانداي “الوندرسوان” لمن تكن ناجحة وكانت تدرك أن ننتندو هي الاهم بسوق المحمول ومن الجانب الآخر كانت ننتندو تدرك انها بحاجة لسكوير سوفت لتعود لصدارة مبيعات الأجهزة فتم الإتفاق على السماح لسكوير سوفت بتطوير الألعاب على أجهزة ننتندو المحمولة والمنزلية وشاهدنا بعد ذلك عودة العلاقة بين الشركتين على مدى السنوات الماضية رغم أن أجهزة ننتندو لم تحصل على سلسلة فاينل فانتسي الرئيسية ولكنها حصلت على سلسلة دراجون كويست بعد إندماج سكوير سوفت مع اينكس بالعام 2008.
هنا تنتهي القصة، الفصل القادم سيتحدث عن مستقبلها وهذا الفصل أتركه للزمن ليحكي قصته اما حرب ننتندو و سكوير سوفت القديمة إنتهت ولكم أن تختاروا من فاز ومن خسر ولكن الأكيد أن العملاقيين اليابانيين قد وضعوا كل ذلك خلفهم وأصبحت هذه القصة جزء من ماضي يتذكره الكثيرون ونحن هنا لنروي القصة لمن لايعرفها.
No comments